calendar 27  أكتوبر , 2024
الاستثمار في التعليم الطبي والرعاية الصحية ركن أساسي في صناعة المستقبل
campus
شهد الأردن على مر السنوات تقدمًا ملحوظًا في شتى المجالات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم الطبي. ومع هذا التطور، زادت المطالب والاهتمامات بالخدمات ذات الجودة العالية، وهو ما يتطلب بدوره الارتقاء المتواصل بالخدمات التي تُعنى بهذين المجالين، كون ذلك لا يساهم فقط في تحسين الكفاءة المحلية، بل يفتح أيضًا فرصًا جديدة للعمل والإبداع، كما يساهم بسد الفجوات في البنية التحتية والنظم الصحية. نأمل أن يمهد ذلك الطريق أمام المؤسسات الصحية والتعليمية وغيرها للعمل بشكل تشاركي نحو مستقبل أكثر صحة واستدامة للأجيال القادمة.

وإيمانًا بأن التعليم الطبي والرعاية الصحية يمثلا حجر الأساس لبناء مجتمعات صحية ومستدامة، وبالشراكة ما بين القطاع العام والخاص، قمنا بتطوير مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي، والذي يسعى ليس فقط إلى الاستثمار في التعليم الطبي والرعاية الصحية، بل أيضًا إلى تقديم حلول مثبتة ومبتكرة، تستجيب للتحديات الصحية والتعليمية التي نواجهها.

في عام 2022، بدأنا في الصندوق برحلتنا لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس، وذلك بالعمل على تنفيذ جامعة المملكة للعلوم الطبية، والتي تحتضن مستشفى المملكة الجامعي بكلفةٍ تصل لـ400 مليون دولار أمريكي، إثر الشراكة والتعاون ما بين العديد من الأطراف التي ضمّت في المقام الأول شركات سيدارا التي عنيت بتولي مهمة التصميم والإشراف، إلى جانب اثنتين من أهم المؤسسات العالمية في مجالي الرعاية الصحية والتعليم الطبي: كليَّة الطب في جامعة لندن (UCL Medical School) كشريكٍ أكاديمي، والمركز الطبي لجامعة كاليفورنيا (UCLA Health) كشريك طبِّي.

لم يكن تطوير المشروع مقتصرًا على هذه الشراكات الدولية والإقليمية، بل وبشكل هام شمل أيضًا جهودًا محلية مكثفة، كان منها إشراك الخبراء والمؤسسات ذات العلاقة المباشرة بالقطاع الطبي والتعليمي في الأردن. وفي هذا السياق، فقد نظمنا سلسلة من اللقاءات الهادفة لإطلاع الجميع على أهداف المشروع وخصائصه وضمان الفهم العميق والمشترك لكل ما يتعلق به. والأهم من ذلك، هدفت اللقاءات للاستماع إلى مختلف آراء وتوصيات المعنيين ومن ثم تطبيقها. وقد كان هذا التفاعل عنصرًا جوهريًا في تطوير المشروع وضمان توافقه مع تطلعات المجتمع واحتياجاته، الأمر الذي يعكس التزامنا بهذا النهج التعاوني، الذي يجسد إيماننا الثابت بأن نجاح المشروع لا يتحقق إلا من خلال المشاركة النشطة والتعاون مع جميع الأطراف.

وإذ يستمر المشروع بالتقدم المستدام على موقع استراتيجي اختير بالقرب من غابة ملك مملكة البحرين، لتسهيل الوصول إليه من كافة أنحاء الأردن ومن الزوار الدوليين، فإنه يهدف إلى تطوير جامعة ومستشفى ضمن بنية تحتية متقدمة، مما سيعزز النشاط الاقتصادي من خلال دعم قطاعات الإنشاءات، والاتصالات، والخدمات اللوجستية، ويوفر أكثر من 5000 فرصة عمل.

هذا الإنجاز الذي سيتكلل بافتتاح كلية الطب في جامعة المملكة للعلوم الطبية في شهر أيلول من العام 2026، وتشغيل المستشفى في أوائل العام 2027، ما هو إلا البداية؛ حيث سيساهم المشروع برؤية تستشرف المستقبل، في الارتقاء في التعليم الطبي والرعاية الصحية ورفع جودتهما النوعية وكفاءتهما؛ نظراً لرؤيته في تحسين مخرجات التعليم، وإرساء نهج الطب الدقيق الذي تتناغم فيه الخدمات السريرية والتعليمية والبحثية ضمن حرمٍ جامعي واحد، مبشراً بأجيال جديدة متميزة من قادة المستقبل من الأطباء وعلماء الطب. وسيدعم المشروع قطاع البحث العلمي، وذلك بتخصيص حصة من الإيرادات له، وهو ما سيضمن قطع أشواط متقدمة نحو بيئة معزِّزة للأمن الصحي وإمكانيات التعافي، حيث القدرة على ابتكار العلاجات والكشف المبكر عن الأمراض والمعالجة بأساليب رعاية صحية استباقية ووقائية.

وبالاستناد لنهج وممارسات طبية غير تقليدية ومراعية للاعتبارات الفردية، تعتمد الجامعة التي ستبلغ سعتها 600 مقعد بمعدل 100 مقعد لكل عام دراسي، على نموذج تعليم يرتكز إلى مناهج طبية مخصصة، تندمج فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة، وتعزز فهماً عميقاً للمبادئ الإنسانية والأخلاقية وللمسؤولية المجتمعية والانتماء للوطن. كذلك، فإن منهج كلية الطب وأصول تدريسه سيتميز بأساليب تعليمية مرنة تقدم درجة بكالوريوس إضافية في أحد تخصصات العلوم الطبية، بالإضافة إلى درجة الدكتوراة في الطب.

أما المستشفى الذي ستبلغ سعته 330 سريراً، فسيقدم خدمات رعاية شاملة رفيعة المستوى، مع تجهيزات وتقنيات هي الأرقى والأحدث في عالم الطب، ضمن مكونات متكاملة تشتمل على 72 عيادة خارجيَّة، ومستشفى أطفال متخصص، و5 مراكز للتميُّز الطبّي للأمراض الأكثر انتشاراً في الأردن والمنطقة في تخصصات القلب والرئة، والجهاز الهضمي، والعظام، والدماغ والأعصاب، والدم والأورام. كل ذلك، إلى جانب تميز كلية الطب لتركيزها على البحث العلمي ضمن 4 مراكز بحثية في علم الجينات والطب الموجّه، والخلايا الجذعية، والمعلوماتية الحيوية، والنظم الصحية.

هذا الصرح الذي يعتبر تطويره بمثابة علامة فارقة في مسيرة التعليم والطب والرعاية الصحية في الأردن، إنما يحمل في طياته انعكاسات إيجابية جمة ستتجلى في القوة الأكاديمية والعلمية التي سيتم خلقها، وفي المعرفة الطبية والقدرة الابتكارية التي سيتم تطويرها، والخدمات الصحية التي سترتقي سويتها، مع الالتزام التام بأخلاقيات المهنة والتفاعل المجتمعي، ما سيعزز الصحة العامة وجودة الحياة، ويرفع قدرة الأردن التنافسية فضلاً عن الحد من هجرة ذوي الكفاءة، بل على العكس، سيكون له بصمة في جهود استقطاب الكفاءات الأردنية المهاجرة وإتاحة فرص لإبداعهم في أرض الوطن.

وجنباً إلى جنب مع هذه المساهمات ذات الجدوى والأبعاد التنموية العميقة بعيدة المدى، خصوصاً مع النقل المرتقب لملكية المشروع لصندوق الاستثمار الأردني بعد انتهاء مدة الاستثمار، فإن الالتزامات التكافلية لم تكن غائبة عن الذهن؛ إذ سيضطلع المشروع بسلسلة من المبادرات التي ستشكل نسيج استراتيجيته للمسؤولية المؤسسية المجتمعية، والتي ستواكب القضايا الملحة لتقدم نموذجاً في التشاركية في حمل المسؤولية، بالتركيز على تقديم المعرفة مع المنح الدراسية التي سيُكشف عنها في حينه. هذا ويعتزم مشروع المملكة مواصلة مسار التطوير التصاعدي، وسط خطط لنمو مستقبلي، متضمنة توسعة محتملة بنسبة 50% للمستشفى، وإضافة كليات طبية مختلفة للجامعة.

وحيث أننا الآن أحوج ما نكون لبيئة تعليمية طبية وصحية تعلي قيمة التميز، وتتبنى التكنولوجيا، وتفهم دور البيانات، وتنطوي على أنظمة فعالة للبحث والمراقبة والاستجابة، كما تدار بأيدٍ خبيرة وأمينة تعتنق الإخلاص والابتكار والمهنية العالية، فإن مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي سيشكل منارة للأمل والتقدم، كما سيكون استثماراً قيّماً في حاضر الأردن، مع تطلعات لبناء مستقبل مشرق يعتز به الوطن والعالم العربي.

شارك على:

آخر الأخبار والمدوّنات

شاهد الجميع arrow
18 نوفمبر 2025
المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي تستقبل وفداً من المراكز الطبية لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA Health) لتعزيز التعاون الاستراتيجي وجاهزية التشغيل

المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي تستقبل وفداً من المراكز الطبية لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA Health) لتعزيز التعاون الاستراتيجي وجاهزية التشغيل


استضاف مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي وفداً من المراكز الطبية لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA Health)، الشريك الطبي للمشروع، في إطار زيارة استمرت عدة أيام، بهدف تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، وذلك في خطوة مهمة ضمن مسيرة المشروع نحو الافتتاح المرتقب في عام 2027 لمستشفى المملكة الجامعي وجامعة المملكة للعلوم الطبية.

اقرأ المزيد عن المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي تستقبل وفداً من المراكز الطبية لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA Health) لتعزيز التعاون الاستراتيجي وجاهزية التشغيل arrow right
11 فبراير 2025
مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي يستضيف أعضاء مجلس إدارة الشركة السعودية الأردنية للاستثمار في إطار زيارة ميدانية للاطلاع على آخر مستجداته

مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي يستضيف أعضاء مجلس إدارة الشركة السعودية الأردنية للاستثمار في إطار زيارة ميدانية للاطلاع على آخر مستجداته


استقبل فريق مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي مؤخراً أعضاء مجلس إدارة الشركة السعودية الأردنية للاستثمار، المالكة للمشروع، وذلك في إطار زيارة ميدانية لمتابعة تطورات سير العمل والاطلاع على آخر المستجدات المتعلقة بمراحل التنفيذ.

اقرأ المزيد عن مشروع المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي يستضيف أعضاء مجلس إدارة الشركة السعودية الأردنية للاستثمار في إطار زيارة ميدانية للاطلاع على آخر مستجداته arrow right
شاهد الجميع arrow

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط🍪

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، وتحليل حركة المرور، وتقديم محتوى مُخصص. باستمرارك في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط. الشروط والأحكام